ظاهرة تحريض أجهزة أمن الدولة السودانية والبلاغات الكاذبة..
بقلم: شمس الهدي النوري
ظاهرة تحريض أجهزة أمن الدولة السودانية والبلاغات الكاذبة وتخوين الآخرين واتهامهم بالعمالة ظاهرة دخيلة على المجتمع السوداني وقواه السياسية والاجتماعية.
حيث اخذت الطابع شبه الرسمي خلال الأربعة عقود الاخيرة في هذه الألفية التي نعايش أحداثها بل واصبحت سياسة او ممارسة او سمة شبه رسمية لجماعة تحاول من خلالها السيطرة على المجتمع السوداني واخضاعه لها وفرض توجه معين عليه وبالتالي تبعيته لها.
وتوظيف أجهزة الدولة لمثل هذه الممارسات بل ومصادرة عمل الدولة من قبل البعض لذلك يعني ان الدولة ومؤسساتها تخضع بشكل او بآخر لهذه الجهات او البعض. كما أيضا يعني ان الدولة واجهزتها تحتاج إلى الإصلاح وإعادة الهيكلة. وتحتاج للنظم واللوائح والقوانين التي تحكمها وتنظم أعمالها.
لا يخفى على احد هشاشة الأمن وانفلاته والبلاد تمر بعاصفة من الحرب هوجاء لاتبق ولاتذر. وقد تكررت أحداث ارتبطت بهذه الهشاشة واصبحت جزء منها وساهمت في تعميقها واضافت جملة من الأخطاء والجرائم التي تمخضت عنها.
ومن المعلوم ان الحروب تصاحبها ظواهر ترتبط بالأمن من تحريض وتصفية حسابات وبلاغات كاذبة وانجراف نحو تشفي ضعاف النفوس مِن مَن يرون فيهم منافسين او يبذونهم في مجالاتهم أو يشكلون لهم عقبات في طريق تحقيق أحلامهم المزعومة او يخالفونهم الرأي والفكر او المذهب وحتى الجنس والعنصر والشكل واللون والثقافة.
ولأن الحروب في الأساس نتيجة احلام او تطلعات اورغبات للبعض في تحقيق ما يرونه صوابا او حقا او حلما يجب تحقيقه والوصول اليه عبر آلية الحرب القاتلة ايا كانت الاسباب.
فإن منطق الأطراف التي تدخل الحرب وتساندها يكون دائما من منطق المصالح وتحقيق الرغبات والأحلام مهما اختلفت وتدنت؛ بتوظيف وتطويع هذه الآليات القاتلة واستغلالها بذلك المنطق السقيم.
ومحاولة تحقيقها والاستفادة منها كأقصي ما تكون الاستفادة.
قطعا هذا التصرف والانحراف لتوظيف الحرب واستغلال ظروفها في هذه الاتجاهات يوسع من دوائرها ويعمق من إشكالاتها ويطيل من امدها ويعظم من تداعياتها.
ومن أجل ذلك يصبح من الضروري التنبه لذلك واتخاذ التدابير الكفيلة بمنع مثل هذه الانحرافات في غياب الآلية النابهة للأسف الشديد أثناء الحرب وفقدانها لإتخاذ التدابير والسياسات التي تمنع من هذه الظواهر وتحد منها بل وتعاقب عليها.
للأسف الشديد حروبنا في السودان الطويلة الممتدة والتي لا يترآي أفق لنهاياتها والوصول منها الي نتائج سوي المزيد من الدماء وحصد الأرواح والنزوح والتشريد وإهلاك الحرث والنسل وهدر الامكانيات وانسداد أفق الحلول لها والتراجع في كل شئ.
هو نتيجة اننا لا نصغ فيها لصوت العقل ولا نتوقف فيها لمراجعة ولا نخضع في خصوماتنا الي فهم وادراك بل تسوقنا سائقة لا ندري ماهيتها او يدري بعضنا ماهي.
فنحن نحارب في أنفسنا ونقضي عليها بمحض إراداتنا لأننا نحارب في الأساس العقل والمنطق والحق بواسطة الغباء والجهل والانحرافات في السلوك والإنانية والبغضاء وقلة العقل والمعرفة وسيادة الإعاقة الذهنية والفاقد التربوي والنفاق وبالفجور في الخصومة والانانية ورفض الآخر والتي تصاحب في الأساس ذلك كله.
وذلك عبر آليات منظمة وجهات معلومة وتنظيمات لا تملك من الوعي والمعرفة مايؤهلها للقيادة تنطلق في نفس الوقت من مبدأ تحقيق المصالح والمشاريع الخاصة ورفض الآخرين وتخوينهم واحتكار كل شئ وتحويله الي خاص.
في ظل غياب مشاريع وطنية طموحة لبناء دولة عظيمة وقيادة رجال دولة عظماء وساسة يتمتعون بوعي ونظرة كلية لا تستثني احد.
فدخولنا للحروب عبر هذه السبل المنغلقة على نفسها وفي ظل فقدان القادة العظام والاباء المؤسسين أصحاب النظر الثاقب والرؤية العميقة الشاملة والكلية تشكل بالنسبة لنا دوامة أبدية للتخلف والتراجع والانحدار. ومصيدة للموت وحصد الأرواح واذهاق الحياة. وبالتالي بيئة خصبة للممارسات التحريضية القاتلة.
شمس الهدي النوري
الاثنين ٢١ أبريل ٢٠٢٥م