مصائب قوم عند قوم فوائد

مليح يعقوب حماد باحث بالمركز الأفريقي للديمقراطية والتنمية

174

مصائب قوم عند قوم فوائد
مليح يعقوب حماد
باحث بالمركز الأفريقي للديمقراطية والتنمية

 

إن ما يثار في الإعلام من خلافات حادة وتصريحات متباينة وبيانات متعارضة ومشادّات كلامية متناقضة بين البرهان ومليشياته الإرهابية، يبرهن أنهم قد وصلوا معاً إلى مفترق طرق وعجزوا في إيجاد مخرج آمن يجنّبهم عواقب الحرب الكارثية التي افتعلوها ضد قوات الدعم السريع، وقد فشلت حكومة بورتكيزان في انتزاع اعتراف رسمي من الشعب والمجتمع الدولي والذي يعلم علم اليقين سيطرة الإسلاميين عليها ودورهم البارز في صناعة الحرب وإنتاج الجماعات الإرهابية المشاركة مع الجيش ومن خلال هذه الحرب في تدمير الكيانات الاجتماعية للدولة.
لقد لجأ البرهان إلى افتعال الخلافات البينية مع حزب المؤتمر الوطني المحلول كوسيلة لإغراء خصومه السياسيين وإشراكهم في السلطة وبأي شكل من الأشكال بنيّة إخراجه من عنق الزجاجة. كما ايقن البرهان أن الحركة الإسلامية التي يحتمي بها أصبحت عبئا ثقيلا عليه وعقبة حقيقية وستحول عاجلا أم آجلا بينه وبين تحقيق طموحاته السياسية، فسعى إلى تغييبها من المشهد أو تطعيمها بمن يراه مناسبًا له من خصومه السياسيين، فتصريحاته الأخيرة والتي أطلقها في يوم 8/2/2025 كان الغرض الأساسي منها هو افتعال أزمة مع المؤتمر الوطني من جهة ومناشدة معارضيه من الجهة الأخرى؛ لينطبق عليه المثل الشعبي الذي يقول:(داير يكحّلها عماها)،فالقوى الثورية المعتدلة والمؤمنة بالتحول المدني الكامل لايمكنها الدخول في شراكات سياسية خاسرة مع من يهددونهم ادأعداءهم ببقر بطونهم وأكل أكبادهم، ومايثيره البرهان من خلافات بينه وبين مليشياته في هذه الأيام نعتبرها مناورات سياسية فاشلة ومحاولات يائسة لقطع الطريق أمام حكومة السلام والتي سوف يتم تشكيلها في المناطق المحررة بواسطة قوات الدعم السريع، وليس من المنطق أن يدخل كرتي والبرهان في معارك جانبية في الوقت الذي لم تنته فيه معركتهم الأصلية التي أشعلوها في 15/أبريل/2023م، إن الحسنة الوحيدة التي يمكن أن تجنيها قوات الدعم السريع من تلك المتغيرات هو أنها سوف تضعف الروح المعنوية للجيش الكيزاني والمليشيات الإرهابية المتحالفه معه؛ مما يمنح الفرصة لقوات الدعم السريع في ترتيب أوضاعها الميدانية والتقدم بثبات نحو الأمام، إن على شعوب الهوامش السودانية العريضة أن تحصر جهودها في قضيتها الاستراتيجية وأن لا تنجرف وراء الزوبعة الإعلامية والمؤامرات السياسية التي يحيكها الجيش الكيزاني والذي سعى ومنذ بداية الحرب لإعادة إنتاج الثورة السودانية في داخل المشروع الاستعماري المصري، ومايدور من خلاف بين البرهان والحركة الإسلامية يعتبر شكل من أشكال التخدير الموضعي واللف والدوران وسواقة المواطنين بالخلا من أجل زجّهم من جديد في الدوائر الجهنمية للحركة الإسلامية فقد أثبتت التجارب أن التوافق معها محصلاته صفرية ونتائجه كارثية على الدولة والشعب.
فالكيزان والبرهان دوماً يظهرون خلاف ما يبطنون، ويحاولون إقناع الشعب بأنهم مختلفون ولكنهم على أرض الواقع متفقون حول كيفية إخراج المسرحيات المفبركة وماينتج عنها من سيناريوهات محتملة، وأرى أن القوى السياسية التي يدعوها البرهان للمشاركة في السلطة معروفة للجميع بأنها جزء أصيل في صناعة الأزمة السودانية ومع إدمانها المتكرر في تجريب المجرّب أصبح من السهل عليها الوقوع في شباك الحركة الإسلامية، وربما يلجأ البرهان إلى تشكيل حكومة انقلابية جديدة مسنودة بغواصاته المزروعة في ما تبقى من مكونات تقدم ليستعيرها على سبيل الترميز التضليلي استناداً على الخيوط الرفيعة الرابطة بينهم كأصحاب امتيازات تاريخية متوارثة منذ عام 1956م، مع مشاركة رمزية من الكتلة الديموقراطية وفلنقويات دولة المركز، ولا أرى غرابة في ذلك طالما أن: ( الطيور على أشكالها تقع) و(أبو منقور كلو قدومو أحمر)، ولكن بإذن الله وبعزيمة الأبطال والأشاوس فإن مصير هؤلاء الفلاقنة والامتيازيون هو الفطامة، نعم سوف يفطمون ليذهب كل منهم في حال سبيله لينال مايستحقه من جزاء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.