الحزب الديمقراطي السوداني
البيان التأسيسي
ظلت بلادنا منذ عقود طويلة ترزح تحت وطأة الاستبداد والطغيان وحكم الفرد، ولقد تعمدت النظم الشمولية التي تعاقبت على حكم البلاد إفساد حياة المجتمعات السودانية ومؤسسات الدولة السياسية والمدنية بزرع الفتن والتفرقة والكراهية وتغذية عناصر الانقسام والشتات، وذلك لقناعتهم الراسخة بان هذه أفضل وسيلة تمكنهم من البقاء على سدة الحكم لفترات طويلة، لا سيما أن مثل هذه النظم لا يمكن لها البقاء في ظل بيئة سياسية صالحة ومستقرة ومجتمعات سوية تسودها الوعي والتسامح، وإننا ندرك أن نهضة وتقدم ورقي الشعوب لا يمكن أن يكون دون تحقيق استقرار سياسي، وان الاستقرار السياسي في بلادنا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال التخلص من النظم الشمولية والدكتاتورية والقضاء على جميع اشكال الاستبداد العلنية والباطنة.
ان الشعب السوداني عانى مآسي القهر وظلم الدكتاتوريات المستبدة، وان النظام السياسي للدولة دائما ما يتحول الى نظام قائم على سلطة الحزب الواحد، وسرعان ما ينتج عنه نظام استبدادي دكتاتوري شمولي قهري ينتهك الحقوق الحريات ويوظف أجهزة الاعلام الرسمية في الدولة كواجهة له للدعاية والتضليل والاجهزة الامنية للقمع والقهر والظلم ويوظف كافة إمكانيات الدولة لخدمة الفاسدين وحمايتهم.
لقد قدم شعبنا السوداني طيلة تاريخيه تضحيات خالدة في سبيل التحرر من الظلم والاستبداد ومن أجل ضمان ممارسة وحياة سياسية ناضجة ومستقرة في ظل حكم مدني ديمقراطي.
وفي سبيل تحقيق ذلك سطر شعبنا بطولات جماهيرية كبيرة وقاد ثورات شعبية عظيمة اسقطت أعتي الأنظمة الشمولية المستبدة في البلاد، كما في ثورة أكتوبر 1964 وابريل 1985، وآخرها ثورة ديسمبر المجيدة 2019م، وعلى الرغم من نجاح الثورات في اسقاط الأنظمة المستبدة في البلاد؛ إلا ان النخب السياسية السودانية فشلت في استقلال الظروف التي اتيحت واستثمار فرص التغيير التي حدثت لإنجاز مشروع سياسي وطني عريض يخاطب جزور الازمة التاريخية في البلاد ويضع حلول جزرية تسهم في خلق دستور دائم للبلاد ونظام حكم ديمقراطي مستقر، ورغم الخذلان ظلت عمليات التغيير تندفع تحت رايات النضال والكفاح بأنواعه المدني منه والمسلح، وحملها رواد التغيير مسؤولية تاريخية، ورؤية تحمل آمال وطموحات الشعب المغلوب على امره، وتتضمن ملامح الغد المشرق لتعيش الأجيال القادمة في حرية وكرامة إنسانية.
ان نظام المؤتمر الوطني المباد قد تمكن من بسط هيمنته في الدولة والمجتمع بالترهيب والقهر والاستبداد، ومارس الفساد السياسي والإداري والاقتصادي، وانتهك الحقوق والحريات، وعذب وقهر وظلم و فرق الشعب السوداني الى جهات وطوائف، وغيب أصالة الإنسان السوداني ورسخ مفاهيم الاستعلاء والتمييز العرقي والديني والثقافي ومزق النسيج الاجتماعي، وشوه قيم الإسلام ووظف الخطاب الديني من أجل البقاء في السلطة، وزرع بذرور الفرقة والكراهية بين ابناء الشعب السوداني، وفرط في وحدة السودان بانفصال جزء عزيز من ارضه نتيجة للسياسات العنصرية البغيضة، وأساء لسمعة السودان شعباً وأرضاً وأضحى السودان يصنف ضمن الدول الراعية للإرهاب والأكثر معادة للإنسانية والأكثر فساداً وفقراً وحروباً ونزوحاً وهجرة قسرية، رغم خيراته الوفيرة وأراضيه الواسعة، وساءت علاقاته الخارجية بسبب سياساته الخاطئة، التي جعلت التوتر هو السمة الغالبة في علاقات السودان مع المحيط الإقليمي والدولي.
ان ثورة ديسمبر المجيدة ولدت نتيجة لهذه الأفعال والممارسات وتمثل تعبير عن رفض الشعب السوداني للإذلال والقهر والظلم، والافتقار لأبسط الحقوق والحريات الضامنة للكرامة الإنسانية، وكانت رغبة صادقة في التغيير، وإرادة قوية تحدى بها أبناء الشعب السوداني الشجعان آلة القمع العسكرية والأمنية للنظام، وقدموا تضحيات سخية بالنفس والمال، وعقدوا العزم على التحدي وتحرير انفسهم من الخوف، ومواجهة النظام عبر ثورة عظيمة شارك فيها كافة قطاعات ومكونات الشعب السوداني رافعين شعارات “حرية – سلام – وعدالة” ومتسلحين بالعزيمة والسلمية، ولقد انتصرت الثورة واسقطت النظام، وكان الشعب السوداني الذي عانى كثيرا من سوء إدارة شؤونه وأزماته، ومن الأنظمة السياسية المتعاقبة التي جسدت الفشل المؤسسي في إدارة الدولة؛ يأمل في كتابة تاريخ جديد خالي من الظلم والقهر والاستبداد، ويؤسس الى التغيير وتحقيق التحول المدني الديمقراطي، الا ان النظام البائد لم يستسلم لإرادة الشعب السوداني، وظل منذ سقوطه يسعى بكل الطرق لإعاقة الفترة الانتقالية، حيث وصنوا العديد من الأزمات ووضعوا الكثير من المعوقات لإفشال الفترة الانتقالية، إلا ان جميع مخططاتهم باعت بالفشل ولم يبق امامهم خيار آخر يمكنهم من العودة الى السلطة سوى اشعال الحرب في البلاد، ولذلك قام عناصره داخل المؤسسات العسكرية بإشعال حرب 15 ابريل لقطع الطريق نحو التحول المدني الديمقراطي واغتيال حلم الشعب في تحقيق التغيير، وإعادة نظامهم الشمولي المستبد من جديد.
وبناءً على الواقع الجديد الذي افرزته حرب الخامس عشر من ابريل واستلهامنا بان العبر تؤخذ من التاريخ المتراكم بالخبرات والتجارب الإنسانية، وادراكاً منا بأن قيمة الإنسان تكمن في جهده لدفع القيم الفاضلة في المجتمع، لينفض عنهم رماد الصمت ومراقد البؤس والخنوع والإذلال، حتى يتمكنوا من قيادة أنفسهم بالعزة والكرامة الإنسانية.
عليه لقد جاء ميلاد وتأسيس الحزب الديمقراطي السوداني نتيجة لغياب الرؤية الإستراتِيجية والمشروع الوطني لدي الأنظمة التي تعاقبت على حكم السودان منذ الاستقلال، وعجز النخب الوطنية عن تقديم مشروع وطني سياسي جامع يسهم في بناء دولة سودانية جديدة يتساوى فيها الجميع دون تمييز.
والحزب الديمقراطي السوداني هو حزب سوداني قومي عموده الفقري الشعب السوداني المؤمن بالتحول المدني الديمقراطي يضم هيكله ممثلين من جميع أقاليم السودان وقد انضمت إليه قيادات من النقابات والاجسام المهنية وقادة المجتمع والإدارات الاهلية والطرق الصوفية والشخصيات الاكاديمية والثقافية والإعلامية، وقد تواثقوا جميعاً على تحقيق الأهداف التالية:
1. التأكيد على وحدة البلاد وإقامة دولة سودانية حرة ديمقراطية ذات سيادة كاملة، تحترم قيمة الإنسان وتصون الحقوق المتساوية، ويسود فيها حكم القانون والمواطنة المتساوية بلا تمييز.
2. العمل على توحيد الجهود من اجل إيقاف الحرب ومعالجة الأوضاع الإنسانية.
3. التصدي لمخططات النظام المباد وتصفية وجودة من كافة مؤسسات الدولة وإزالة تمكينه وتقديم قادته الي محاكمات عادلة وتسليم المطلوبين لمحكمة الجنايات الدولية.
4. الالتزام بخيارات الشعب السوداني واستكمال مسيرته في التغيير وتحقيق اهداف ثورة ديسمبر 2019م في الحرية والسلام والعدالة واستعادة المسار الديمقراطي وحكومة مدنية وبناء نظام ديمقراطي مستقر.
5. بناء جيش قومي مهني واحد ومؤسسات عسكرية مهنية قومية تعكس التنوع السوداني ولا تتبع لاي جهة، وتعمل على حفظ امن وسلامة المواطنين وتحمي الدستور وتدافع عن حدود وسيادة البلاد.
6. إعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية على أسس جديدة تقوم على الكفاءة والعدالة والحقوق الحقوق المتساوية.
7. قيام حكومة انتقالية من شخصيات وطنية مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة مع التمثيل العادل لكل أقاليم السودان في كافة مستويات السلطة.
8. محاربة خطاب الكراهية والعنصرية والتمييز على أساس اثني او ديني او قبلي او ثقافي، وتعزيز قيم التسامح والمصالحة والتعايش السلمي.
9. اعتبار بناء المجتمع الديمقراطي هدفاً استراتيجياً والعمل على إنجازه بالمفهوم السياسي الذي يضمن استقلال العدالة ويفرق بين السلطات ويفتح للمؤسسات الدستورية والتنظيمات السياسية والنقابية والإنسانية المجال للقيام بدورها الريادي،
10. التأكيد على ضرورة إشاعة قيم الديمقراطية وسط المجتمع والارتقاء بوعي المواطن حتى يكون مقتنعاً وقادراً على ممارسة مواطنته في مختلف اطر حياته اليومية.
11. اتباع الأساليب السياسية السلمية والحوار المستمر بين كل مكونات المجتمع مهما تباينت توجهاتها السياسية والاجتماعية والثقافية، وقبول الاخر واحترام الراي المخالف وحق الأقلية في كل الحالات بهدف تجسيد المصالحة الوطنية الحقيقية.
12. التعاون والتنسيق والعمل مع منظمات المجتمع المدني والكيانات السياسية والمهنية، والحركات الثورية والكيانات الشبابية، وكل فئات الشعب السوداني بهدف محوري الا وهو استعادة المسار الديمقراطي.
13. التعاون والعمل مع المجتمع الإقليمي والدولي والمنظمات الدولية الإنسانية من اجل تحسين الوضع الإنساني وتوصيل الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمحتاجين.
تشكلت لنا في الحزب الديمقراطي السوداني رؤية متجاوزة للقوالب الإيدلوجية الجامدة متصالحة مع محيطنا الداخلي والخارجي وتشجع للبحث والتطوير لتحقيق مستقبل زاهر لبلادنا، وإننا سوف نقوم بطرح رؤيتنا السياسية لاستعادة المسار الديمقراطي وتحقيق الانتقال المدني الديمقراطي وبناء الدولة المدنية الجديدة، وندعو جميع مكونات الشعب السوداني للانضمام ومشاركتنا الحلم في استقرار ونهضة وتقدم بلادنا.
ختاما: نؤكد حرصنا التام على مشاركة كافة القوى الثورية الشبابية والقوى الديمقراطية والأحزاب وحركات الكفاح والنقابات المهنية بعقل وقلب مفتوح يتقبل النقد البناء ويسعد بالحوار.
الحزب الديمقراطي السوداني
1/6/2023