د. حذيفة أبو نُوبة: رجل الدولة الذي يزن بالمواقف لا المناصب
د. حذيفة أبو نُوبة: رجل الدولة الذي يزن بالمواقف لا المناصب
منذ أن جمعتنا ساحات العمل العام ، لفت انتباهي في د. حذيفة أبو نُوبة أمرٌ نادر في السياسة السودانيةعزوفٌ صادق عن اللهاث وراء المناصب، رغم توفر كل المقومات التي تجعل من اسمه محل ترشيح دائم، سواء من الأفراد أو الكتل السياسية. كان واضحًا منذ البداية، لا يسعى للكرسي، بل يسعى للوزن الحقيقي الذي يُحدث التغيير.
وفي اللحظات الأولى لتناقل وسائل الإعلام خبر ترشيحه لرئاسة الوزراء، لم أتردد في الاتصال به مباشرة. سألته بصراحة عن مدى صحة ما يُتداول، فأجاب بهدوئه المعهود:
“نحن جادين في موضوع التغيير، وشراكتنا مع السودانيين تحتم علينا أن نُحدث تنوعاً حقيقياً في تولي المناصب، لا تكراراً لنفس الوجوه ولا تكرساً لجهة دون أخرى.”
هكذا يختصر د. حذيفة رؤيته للمرحلة: شراكة لا مغالبة، وتغيير لا تجميل.
واحدة من أعمق مزاياه، التي لمستها عن قرب، هي عدله الداخلي. لم يكن يومًا ممن يميزون الناس على أساس الجغرافيا أو القبيلة أو الارتباطات الضيقة. كان الميزان الوحيد عنده هو القدرة على العطاء، حتى في أحلك ظروف التعقيد السوداني، ظل ثابتًا على هذا النهج.
ومن فرط قدرته على ضبط التوازنات المعقدة، في اللحظة المناسبة وبالكلمة المناسبة، أطلق عليه بعض من عرفوه لقب “ملك الوزنات”، وهو وصف في محله تمامًا. د. حذيفة لا يرفع صوته، لكنه يرفع المعيار، لا يكثر من الظهور، لكنه حين يظهر يصنع أثرًا.
طوال الفترة التي عملنا فيها معًا، في مؤسسات تشاورية وتنفيذية، لم يكن مجرد مسؤول أو قيادي؛ كان مرجعية. رجل لا يُحاصَر بالموقع، بل يخلق من وجوده في أي موقع نقطة ارتكاز لبوصلة الجماعة.
ومع اقتراب تشكيل الحكومة المقبلة، إن جاء اسمه على رأس أي منصب وهو أمر متوقع ومستحق او داخل اي جهاز من أجهزة الدولة. فإن ذلك نذير خير ونماء، لا مجرد انتقال سياسي. لأنه ببساطة، رجل دولة لا رجل لحظة.
خاتمة:
الدكتور حذيفة أبو نوبة ليس فقط ما يُقال عنه في الإعلام، بل هو ما يثبته فعله في الميدان، واتزانه في القرار، ووفاؤه للناس والبلد. وإن كانت المرحلة القادمة تتطلب حكماء حقيقيين، فإن وجوده في قلبها سيكون أحد أعمدتها الراسخة.
#صورة ارشيفية