. بورتسودان – ماذا بعد؟
عبدالرازق أنقابو،،،
. 11 مايو 2025م
يخطئ من ظن – تزامنا، أن الضربات القاسية التي تلقتها مدينة بورتسودان في مرافقها الحيوية وقواعدها العسكرية لثمان ليال متتالية، هي للإنتقام – كرد فعل، لاستهداف مطار نيالا الأسبوع المنصرم! فالأمر من الناحية العسكرية، ليس تحديا لكل تلك الأكاذيب والتغييبات الممارسة بحق شعب مضلل في هذه الحرب، بل إنما افتضاح صارخ لكل تلك الخطط التي قالت – من لدن، أنها أي الحرب – أربع ساعات بالعدد، ليس بعدها قوات دعم سريع – إلي الأبد، إلي آخر اقوالهم؛ أنها خرجت من الخرطوم – تعريدا، بلا عود!
فما تقوم به هذه القوات من قصف بالمسيرات – في هذه الأيام، بمدن الشمال والشرق والوسط (أو بحدود ما يعرف بدولة البحر والنهر التي لجأ إليها البرهان)، هو في الحدود المحتملة للحرب، إلا أن إستهداف مدينة بورتسودان، ولكونها في هذه الجغرافيا – هي العاصمة البديل، التي يجب كدرس مستفاد، أن تكون أكثر تحصينا من الخرطوم، حتي لا يضطر البرهان – مرة أخري، للنزوح منها إلى غيرها، ليمثل إستهدافها – تحديدا، رسالة لها ما بعدها، خاصة فيما يلي ردات الفعل المتوقعة من قبل قيادة الجيش، بين رجوعها لصوت العقل – جنوحا للسلام، أو مضيها قدما مع خيار “المجد للبندقية” – مواصلة للقتال!
وحتي نخلص إلي أي التوقعات تميل الأمور، فإن ما رشح من معلومات غير مؤكدة – عن أن قيادة الجيش، قد أوفدت رسلا إلي كوريا الشمالية وإيران (الدولتان الموصومة أمريكيا بمحور الشر)، فإن الميل لمواصلة القتال، يبقي الخيار المحتمل عندها، خاصة وأنها لا تملك – لحد الآن، رؤية وطنية لإنهاء الحرب! لكن مع وصول الحرب لتلك الجغرافية المحمية من وصول الحرب إليها، فإن رسالة الدعم السريع من وراء ذلك الوصول، هي ليست للقول لقيادة الجيش بأن قواته في حال جاهزية تامة لذات المواصلة “إياها”، إنما لتبليغها مباشرة – كما فعلت قناة العرببة، لكافة وسائل الإعلام وللمراقبين وكل المعنيين بملف الأزمة الجارية في السودان، بأن الدعم السريع – لا يزال ندا، متفوقا في الميدان، وذلك تاكيدا بالآتي:
اولا: إنكشاف حقيقة الوضع الميداني – دحضا، للنداء الذي أطلقته حكومة الأمر الواقع من بورتسودان، بعودة المواطنين والبعثات والمنظمات الدولية إلى الخرطوم، دونما أدنى مهنية أمنية أو مسؤولية أخلاقية!
ثانيا: لم يعد للجيش وقياداته وعتاده – بعد هذه الضربة، من موقع آمن بالبلاد، إلا وتطاله الآلة الحربية للدعم السريع، علي قولها نصا – بأن: (يدنا ستطال أي مكان يتواجد فيه قائد الجيش ومساعدوه، ونعمل بتنسيق كامل مع الحلو)، حيث لم تعد بورتسودان – بعد الآن، مأوي آمنا يحتضن البرهان بحدود السودان!
ثالثا: مقدرة قوات الدعم السريع ومجاراتها العسكرية التي كافأت وعطلت، بل وأسقطت بها ميزة التفوق الجوي لقيادة الجيش وكتائبها الفنية الجهادية المساندة لها!
رابعا: انسحابات قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة والخرطوم مع امكانية قصفها والعودة إليها، هي ليست هزيمة منها و”تعرد” كما تم تصوير ذلك للشعب المضلل! وهنا، فإن ما صدر عن مكتب ال (UNDSS) المعني بسلامة وأمن البعثات والمكاتب التابعة للأمم المتحدة عالميا، بعدم الصلاحية الأمنية والبيئية للعودة للخرطوم لستة أشهر أخري، إنما هي مساحة زمنية، ليتأكد خلالها من إحتمالية تجدد قصف العاصمة أو معاودة الإقتتال فيها – مرة أخري!
خامسا: إستهداف قوات الدعم السريع لمدنية بورتسودان – من ناحية أخري، هو مجرد إيفاء لما توعد به قائدها – وقد ذكر بالإسم، أن الحرب ستصل بورتسودان، في خطابه الموجه لقواته – رمضان المنصرم!
عليه، وبشكل عاجل – من باب المسؤولية، يجب لفت إنتباه المواطنين المغرر بهم للعودة للبلاد وخاصة الخرطوم، أن تلك الأربع ساعات، بقدر ما أنها مثلت أولي سقطات قادة الجيش التي يجب عليهم تحمل تبعات مخاطرها الأمنية والاقتصادية والإجتماعية، فهي ما أعطت – تضليلا، طمانينة كاذبة لخروج المواطنين “المحددون” من منازلهم والعودة إليها بحدود ثلاثة أيام – فقط! علما بأن هذه الثلاثة أيام في حينها (١٦، ١٧. ١٨ أبريل ٢٠٢٣م)، إمتدت للسنة الثالثة – الآن، وقد فقدوا خلالها بسبب ذلك التضليل، كل مدخراتهم ومحتويات منازلهم!
ختاما، نخلص إلي أن عمليات إستهداف بورتسودان ومهما صحبها من تحمل زائف ومكابرة معهودة من قبل قيادة الجيش، فإنها قد أكدت – بيانا بالعمل، علي مدي مقدرة “قوات تحالف التأسيس” للمجاراة في الحرب، بل والتفوق فيها عتادا وتكتيكا، خاصة في عملية استجدراجها للجيش لملاقاته اليوم خارج الأبيض، تجنبا لئلا تتحول – هي الأخري، “لفاشر” أخري! عليه، فان الإحتمال الأرجح – لما بعد وصول الحرب لبورتسودان، هو ما بدأ التهامس به الآن، في إشارات ملتقطة بين السعودية وحكومة الأمر الواقع ببورتسودان، بالدعوة إلي تحول منبر جدة لحوار سوداني سوداني! فهل نشهد في الاسابيع المقبلة حوارا يشمل تنسيقية صمود، وحتي تنظيم الإخوان، أم أن قوات تحالف التأسيس ستقف عثرة بإستثناء الإخوان، والمطالبة بالقبض علي مطلوبيهم لدي المحكمة الجنائية في كل مكان؟